الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{إنَّ الله عندَهُ علْمُ الساعة} أي علم وقتها الذي تقوم فيه.قال الفراء: إن معنى هذا الكلام النفي، أي: ما يعلمه أحد إلا الله عزّ وجلّ.قال النحاس: وإنما صار فيه معنى: النفي لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال في قوله: {وَعندَهُ مَفَاتحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَا إلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59] «إنها هذه» {وَيُنَزّلُ الغيث} في الأوقات التي جعلها معينة لإنزاله، ولا يعلم ذلك غيره {وَيَعْلَمُ مَا في الأرحام} من الذكور والإناث والصلاح والفساد {وَمَا تَدْري نَفْسٌ} من النفوس كائنة ما كانت من غير فرق بين الملائكة والأنبياء والجنّ والإنس {مَّاذَا تَكْسبُ غَدًا} من كسب دين أو كسب دنيا {وَمَا تَدْري نَفْسٌ بأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ} أي بأيّ مكان يقضي الله عليها بالموت.قرأ الجمهور: {وينزل الغيث} مشدّدًا.وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي مخففًا.وقرأ الجمهور: {بأيّ أرض} وقرأ أبيّ بن كعب وموسى الأهوازي: {بأية} وجوّز ذلك الفراء وهي لغة ضعيفة.قال الأخفش: يجوز أن يقال: مررت بجارية أيّ جارية.قال الزجاج: من ادّعى أنه يعلم شيئًا من هذه الخمس فقد كفر بالقرآن لأنه خالفه.وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {خَتَّارٍ} قال: جحاد.وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: {وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله الغرور} قال: هو الشيطان.وكذا قال مجاهد وعكرمة وقتادة.وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: جاء رجل من أهل البادية، فقال: إن امرأتي حبلى، فأخبرني ما تلد؟ وبلادنا مجدبة، فأخبرني متى ينزل الغيث؟ وقد علمت متى ولدت فأخبرني متى أموت؟ فأنزل الله: {إنَّ الله عندَهُ علْمُ الساعة} الآية.وأخرج ابن المنذر عن عكرمة نحوه وزاد: وقد علمت ما كسبت اليوم، فماذا أكسب غدًا؟ وزاد أيضًا أنه سأله عن قيام الساعة.وأخرج البخاري ومسلم، وغيرهما عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهنّ إلا الله: لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا متى تقوم الساعة إلا الله، ولا ما في الأرحام إلا الله، ولا متى ينزل الغيث إلا الله، وما تدري نفس بأيّ أرض تموت إلا الله» وفي الصحيحين، وغيرهما من حديث أبي هريرة في حديث سؤاله عن الساعة وجوابه بأشراطها، ثم قال: «في خمس لا يعلمهنّ إلا الله» ثم تلا هذه الآية وفي الباب أحاديث. اهـ.
|